القائمة الرئيسية

الصفحات

حول العالم

رثاء الأماكن في أدب سونغاي (باجي بي سينجي) نموذجا

                                                                                   فيدو


رثاء الأماكن في أدب سونغاي (باجي بي سينجي) نموذجا
    حكاية بانجي بي سينجي...أنه ثور غريب الطور في خلقه وخلقه بضم الخاء..وهو يشاكل بني آدم في تصرفاته...وكان من عادة الفلاتي الراعي للأبقاء أن ينهض مع ذنب السرحان من الفجر ليذهب بالأبقار إلى المرعى قبل طلوع الفجر ثم يرجع مع الضحى-( وتسمى هذه العملية في سونغاي: تارين)- ويحلب ما يحلب ثم يتركهم أو يوجههم إلى جهة المرعى فيعودعون إلى المرعى... ولكن هذا الثور كان يقوم بهذه كلها نيابة عن صاحبه...وكان بعد كل عتمة ياتي بجانب صاحبه فينام معه وينبهه حين يحين وقت (تارين) بل يذهب بالأبقار ويراعيها ويحرسها من كل مؤذ لا ذئب ولانمر ولا أسد...ثم يعيدها إلى البيت ويوقظ صاحبه....ولم يزل هذا دأبه حتى استشرف صاحبه على الدخول في عالم الشراكة لربط عقد الزواج ....

وكان من عادة الفلاتة في ذلك العهد أن من يتزوج في المرة الأولى قرناؤه يلزمونه بعجل لا مثيل له في حقله من الأبقار ...فوافق أن هؤلاء القرناء منهم من يدغن حقدا على الرجل ويريد أن ينتقم منه بالتخلص من ثوره الآدمي....


وفي المساء ترافق الشباب إلى الأبقار ليتخاروا ما يناسبهم فوقع اختيارهم على باجي بي سينجي بتآمر فيما بينهم قبل وصولهم....فساومهم الرجل بكل شيء إن أرادوا أي عدد من الأبقار بدل هذا الثور....فقالوا أبدا! لا نقبل إلا ما اخترناه....

وفي النهاية تنازل الرجل،وقال: لا تنقل نساء الفلاتيات عني أنني أفضح يوم زواجي فلن يلحق بي هذا العار-(العبارة: لن تستورد نساء الفلاتيات بحكايتي أني فُضحت يوم الزواج...بما أن التقاء الفتيات تكون غالبا عند استيراد الماء، وهنالك تتبادل المستجدات في القرية...ويعتبر عارا على الشخص أن تعجز عن تنفيذ ما هو معروف في العادة)- وطلب منهم ألا يحملوه على ذبحه لأن هذا الثور بمثابة أخ له....فقالوا أبدا! لن يذبحه إلا صاحبه...فحاول كل المحاولات بدون نجاح....فتقدم على التنفيذ...
فلما تلّٓه للجبين...ووضع السيف على عنقه..وقف في بكاء وتأسف وتحسر يعدد الوديان التي كان الثور يزاولها في متابعة الأبقار ورعايتها.....ليخبرها أن باجو سيموت اليوم.
يرثي الأماكن...ويرثي نفسها أيضا لأنه بهلاك الثور سينفد كل شيء وستزول هذه الأبقار كأن لم تكن ....اللهم اكفنا شر الحاقدين...ومما ورد في شعر الرجل:
أيا وادي بَالِيتٓا ألم تعرف أن العير قد التحق بباجو..
باجو الذي يخافه الأسود...باجو الذي تفر منه الذئاب
لقد هلك باجو! فمن يوقظني حين موعد السرى إلى المرعى. فمن يرافق الأبقار...فمن فمن ...لقد هلك باجو...ثم يذبحه وتنتهي الحكاية بدرامة أصبحت شبه أسطورة ولكنها حقيقة.
هي حكاية يمكن أن تحتوي على رواية لأرباب الأقلام ممن وفقوا في هذا المجال....وتجدون مع إبراهيم ديكو في أغانيه الشعبية...

 الدكتور/ عمران سعيد ميغا
 للتواصل مع الكاتب اضغط هــنـا
 جامعة الملك سعود

تعليقات